كتب حمدي رزق: 'كان عاوز يطلع طيار مثل جده، كان بيحلم يسوق طيارة ويطلع لفوق مثل عمو جمال، كان الجد الطيب يقص عليه أحسن القصص من ماض جميل، كان الجد يحلق بالحفيد عاليا فوق السحاب بطائرة يمطر بقذائفها الأعداء، جدو كان طيارا عظيما، قائدا من قادة أكتوبر العظام، كان الحفيد يتيه فخرا، يتمثل الجد في حله وترحاله.
جدو طيب قوي، كان بيخبي لمحمد الشيكولاتة مخصوص، محمد كان ممنوع عليه أكل الشيكولاتة، وزنه قابل للزيادة، لكن الجد الحنون لم يكن يحتمل نظرة حرمان واحدة في عيون قرة العين وبهجة النفس.
كان شبه جدو بالضبط في حركاته وسكناته، حسني مبارك التاني، مرتان في الاسبوع على الأقل، يصر الرئيس على زيارة الحفيد، كان يذهب سريعا، للقاء الحبيب، كان حبيبه يلاعبه ويشاكسه، يلعبان كاراتيه معا، يا حزن قلب الرئيس.
الجدة الطيبة سوزان كانت ترى فيه مشروع فنان، رسام عازف، كثيرا ما حدثت الفنان الوزير فاروق حسني عن موهبة محمد البازغة، كانت تتيه برسوماته، تغزل من خطوطه شالا من الأحلام، ريشته كانت ترسم حقولا خضراء، وشجرا وزرعا ونهرا، قبل الرحيل الى روضة السماء، طلبت الجدة من الوزير فاروق صقل موهبة الصغير الفنية، يعد للصغير برنامجا فنيا، أوبرا ومسرح وموسيقى، تشكيل لمعالج فنان لم تكتمل، وشاء الله وكانت مشيئته، لا راد لقضائه'.
كيف كان يزور مبارك حفيده في المدرسة
وإلى حكايات أخرى عن علاقة الرئيس بحفيده، نشرتها 'الشروق المصرية' نقلا عن طيار كان صديقا للرئيس، قالت: 'يحكي هذا الرجل وغيره أن الرئيس كان يزور مدينة العاشر من رمضان ذات مرة، وفي طريق العودة فاجأ قائد سيارته ومرافقيه بطلب التوجه الى التجمع الخامس بدلا من العودة الى مكتبه أو بيته مباشرة، وذلك لزيارة 'محمد علاء' في مدرسته، وكان محمد رحمه الله يدرس في البداية في 'مودرن إنكليش سكول' ثم نقل الى مدرسة 'انترناشيونال بريتش سكول' وعندما غيرت سيارة الرئيس مسارها تبعته بقية سيارات الموكب من الوزراء ورجال الدولة الذين كانوا في صحبته، ولم يتنبه الرئيس وهو يفكر في وقع المفاجأة السارة على محمد عندما يراه جده يزوره في المدرسة، إلى أن يطلب من ياوره صرف رجال الدولة ولم يجرؤ أحد أن يسأله، فكان أن فوجىء الرئيس، وهو يترجل من سيارته أمام المدرسة بجميع سيارات الموكب مكدسة في المنطقة حتى ان شوارعها قد سدت تقريبا، وهنا فقط طلب صرف الجميع، وهو يبتسم ولسان حاله يقول: انظر يا محمد من أجلك نسيت.
في مناسبة أخرى، كان محمد يريد أن 'يتفسح' في الملاهي مثله مثل أي طفل في سنه، ويبدو أن قلب الرئيس لم يطاوعه ليترك حفيده مع أي شخص سواه مع ألعاب الملاهي، ولأنه يعرف انه من المستحيل عليه وهو رئيس للجمهورية أن يذهب الى أي مدينة ملاه فقد طلب أن يذهب به مع رفاقه الى ملاهي 'ماجيك لاند' بمدينة الإنتاج الإعلامي، ونظمت هذه الرحلة، التي شارك فيها الرئيس بنفسه حفيده أجمل يوم في حياة الرئيس والحفيد، كما قال الاثنان فيما بعد. وأما الحكاية الثالثة فقد رآها جميع المصريين على شاشات التليفزيون حين اصطحب الرئيس مبارك حفيده لمشاهدة مباراة فريق النادي الأهلي 'الذي كان يشجعه الحفيد الفقيد بحرارة' ونادي برشلونة الإسباني، وقد شاهده المتفرجون وهو يجلس على حجر الرئيس.
وآخر ما نتذكره من حكايات الرئيس والحفيد أن الجد كان يتابع بنفسه تدريب 'محمد' على رياضة الجودو تحت إشراف بطل مصر في هذه الرياضة سابقا باسل الغرباوي'.
تردي حالة محمد ونقله لباريس
ومن 'الشروق' الى جريدة 'روزاليوسف' التي قالت في تغطيتها ان الحفيد تعرض بصورة مفاجئة بعد أزمة صحية صادمة وغير متوقعة اقتضت تدخلا جراحيا لم ينجح وأصيب بنزيف في المخ قبل يومين وانتوت الأسرة أن يسافر الى باريس فجر الأحد ثم تقرر تأجيل هذا ووصل طبيب فرنسي متخصص في جراحات المخ اسمه جاك مروريه قام بجهود متنوعة للتعامل مع الحالة الفريدة حيث عولج في مستشفى الجلاء العسكري، وسافر صباح الاثنين والد الفقيد وأمه برفقة ابنهما المريض في طائرة إسعاف واصطحبهما عمه جمال مبارك وزوجته الى باريس حيث كان من المقرر أن تجرى محاولات اخرى، لكن وافته المنية، وعادت الأسرة بالجثمان صباح - الثلاثاء - بعد أن توفي مساء الاثنين، ولم يكن السيد الرئيس قد علم بالخبر حتى التاسعة والربع من صباح الثلاثاء، الى حين وصول ولديه للوقوف بجانبه في اللحظة العصيبة، وقال بيان مقتضب جدا بعد أن راجعه الرئيس بنفسه: 'يحتسب الرئيس حسني مبارك عند الله حفيده محمد علاء حسني مبارك الذي وافته المنية مساء - الاثنين - إثر الأزمة الصحية التي تعرض لها خلال اليومين الماضيين'، وأشار البيان الى موعد تشييع الجنازة التي تمت بعد صلاة العصر من مسجد آل رشدان في مدينة نصر، ثم اضيف تعديل في البيان نص على اقتصار العزاء على مراسم التشييع فقط.